السرد وسيلة يمكنُ للإنسان من استعادة معنى حياته. فهو شبيه في ذلك بما يقوم به السوسيولوجي الذي يسعى إلى وضع مضمون الأفعال في فاعليتها الحقيقية. فنحن نعيش لا محيص لنا عن تنفيذ ما تمَّ التّخطيط له سلفاً. نحن نؤدي قبل كلّ شيء. ونعمل على ترجمة أفعالنا من خلال نماذج سلوكية سبق لنا أن اقتنعنا بها. ذلك يعني أننا نعيد إنتاج أنفسنا، وقيمنا في الذاكرة السردية، أو الوعي الذي لا يتخلص من الماضي أبداً. لذلك تكون مجمل أفعالنا خاضعة للذاكرة الجماعية التي لا تنفصل عن الماضي الأول. إن سيرورة إنتاج الماضي لا تتمّ خارج الزمان أو المكان. فكلّ الأشياء تشهد على إعادة ترتيب مواقعنا فيها، ومعها. نحن أسرى لعالم مقيّد فينا، كما أن العالم كلّه يتشكّل من جديد، من خلالها، فنحن لسنا خارج محيط ثقافي مستقل، الذاكرة سجينة خارجه.
استناداً إلى ذلك، يجب أن نجد الروابط الحقيقية بين وقائع مخصوصة، تعود إلى الفاعل السردي ضمن مكونات الذاكرة الجمعية. لا يمكننا إنكار أنّ الإنسان يعيش ضمن مجتمع محدد، وأن ذلك هو المكان الذي تنطلق منه الرواية، سواء تمّت كتابتها أم تمّت حكايتها. المجتمع هو الركيزة الأساسية التي يستند إليها كلّ شيء في العالم، ومنه يستمد المعنى الاجتماعيّ خلفيته. ومن خلاله يتمّ تحديد الأشخاص.
جميع الحقوق محفوظة 2022 © تصميم Digital Transformer