لست من الذين يعتبرون المذكرات حكاً لحياة شخص، لأن قيمة الشخص
دائماً محدودة ونسبية، والتركيز على المغامرة الشخصية في الحياة لا فائدة منه فيما
أفهم وأتصور. إن الإنسان جزء من تاريخ معين وضمن جغرافية معينة، وأهمية
المذكرات هي في إبراز ذلك التاريخ وتلك الجغرافية بغية إعطاء الأولوية للموضوعة
العامة على حساب كل ما هو ذاتي. بالتالي، فإن المذكرات حين تسميتها بالمذكرات
المغربية تفرض علينا بشكل موضوعي عالماً وقيمياً قبل إبراز مكوناتها المحلية.
من المؤكد أن من عاش الجزء الثاني من عالم القرن العشرين والعقود الثلاث
الأولى للنصف الواحد والحاضر، سيُضطر بالطبع لتبيّن التاريخ وجغرافية البلد
تأثير مباشر على حياته وحياة كل بلد على حد سواء. أيضاً، إذا كانت المذكرات
تهدف إلى تسجيل جغرافية بلد ما، فإنها ستكون وثيقة حياتية مهمة جداً. لأنها
ستضيء تاريخ البلد باليومي، وستربط العلاقة الحديثة بين التاريخ والجغرافيا في
حياة الفرد باليومي، باعتباره العلاقة الحديثة بين التاريخ والمجتمع، والتي
تشهد اليوم مسيرة متدفقة منذ ميلاد الرأسمالية، وتتضاعف المر أكثر مع تطور
مسار العولمة.
