سؤال السيميائيات المناضلة

كان هناك بحث حيث عن نماذج مستقباة من حياة الناس، كما تسربت
إلى توصيفهم في الدين والحكايات والأساطير، فهي التي يمكن للباحثين
من تمثُّل القوانين التي تتحكم في العوالم التي بني في مخيالهم. ولم
تكن النماذج المقترحة مجرد تقنيات يستعملها الناقد في تحليل النصوص،
كما تلقاها الكثير من النقاد في الفضاء الثقافي العربي. بل كانت في المقام
الأول تصوراً لمعنى الحياة وأشكال تحقيقها. إن النصوص ليست سوى
ذريعة من أجل الكشف عن الطريقة التي ينظر الناس من خلالها
فهمهم خارج المعيش اليومي.

كان الفضاء الذي تربّيت ضمنه، في الجامعة وفي شوارع باريس، يساعد
على هذا الربط الدائم بين ما ينبغي علينا في المدرجات وبين الحياة، كما
تتحقق في الشوارع. لم نكن نشعر بالوحشة الغربية أو الفضاء الخارجي،
كما تقول لنا الآن، لأن تلك المدرجات مفصولة عن قاعاتنا، كما
هي حال المدرجات في جامعتنا. كنا نمارس حيوات موزعة بين
محطات المترو وشوارع المدن، وكأننا نخط دروباً جديدة في الوجه
الحضاري لكل المدن، نمارس عاداتنا ونقلد من هناك وننتج جزءاً.
وكان ذلك حاصل « ذواتنا »، التي بها امتزجت واستبطنت، وأصبحت جزءاً
من سلوكهم.