تحمل مسألة الزمن في علاقتها بالحاضر، مساحة رئيسية في كل ما حصل من انقلابات وتحولات عرفتها مجتمعاتنا. وهنا يتجدد سؤالنا حول العلاقات المعقدة بين أحداث التاريخ، وأفعال المجتمعات، وتنامي التغيرات التكنولوجية المتسارعة، وضغوطات السياسة والاقتصاد، ومسؤوليات التدبيرات الاجتماعية والثقافية. فما نحن بصدد عيشه اليوم خصوصا أمام المفارقات المستفزة التي تعتري التاريخ والجغرافيا، وأمام الاختلالات التي تزداد تعقيدًا في كل لحظة، هو من دون شك زمن التغيرات والالتباسات التي تضع أسئلة المستقبل في طليعة أسئلة الراهن. ويُراد من المستقبل أن يكون أفضل من الحاضر، ولكنه زمن أصبح ملتبسًا بخلط أوراق الماضي والآتي، حتى إنه قد يكون أسرع من الذي يسبقه، بلا أفق واضح سوى ما يرافقه من ضبابية واختلافات في الرؤية.
يقترح هذا الكتاب، في عشرة فصول، تناول القسم الأول جملة قضايا الزمن وما نواجهه اليوم من تراجع في كل ما هو ملموس ومعيش في راهننا. بينما يتعرض القسم الثاني إلى ما يعنيه مفهوم الزمن وعلاقته بالمعرفة والفكر. كما يبحث في المخازن الأساسية التي يشتغل عليها الوعي، والذاكرة، واللغة. إضافة إلى مواضيع تُسائل التفكر البشري حول مفهوم الزمن وإمكانية التفكير في المستقبل. كما يدرس الكتاب السرديات التي تحضر الزمن في علاقتها بتغير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما تمليه من ضرورة إعادة التفكير في المخاطر التي تُراكمها هذه التحولات على مستوى الانفعالات والمشاعر الإنسانية.
إن القسم الثالث يضم مقالات وتجارب مفكرين ومبدعين وفنانين جعلوا الزمن وعلاقته بالعالم من عناصر استنطاق أسئلة تشغل اليوم مجال الفكر والمعرفة، والبحث العلمي والفني. ويأتي هذا الكتاب ليشكل، في النهاية، مصدرًا للسؤال والمناقشة حول اللحظة الراهنة، والعدد الكبير من القضايا التي تطرح نفسها على الفلسفة والسياسة.
جميع الحقوق محفوظة 2022 © تصميم Digital Transformer