القراءة والذاكرة العاملة

يسعى هذا الكتاب إلى فحص الإرتباط الوظيفيّ بين القراءة والذَّاكرة العاملة، ويعزى الإهتمام بسيرورة القراءة إلى أنَّ هذه الأخيرة أصبحت في مركز أكبر صناعة في العصر الحديث؛ ويتعلَّق الأمر بالتَّربية؛ فكلُّ التُّعلُّمات تستند إليها، وتتأثَّر إيجاباً أو سلباً بالنَّجاح أو الإخفاق في اكتسابها.
وإلى جانب ذلك؛ توصَّلَت دراسات كثيرة إلى أنَّ الذَّاكرة العاملة فاعلٌ رئيس في النَّشاط المعرفيّ للإنسان، وفي معالجة المعلومات، وأظهرت معطيات تجريبيَّة متواترة أنَّ هناك عجزاً ذاكريّاً خلف كلَّ صعوبة في التُّعلُّم.
كما كشفَت نتائج أبحاث كثيرة تأثُّر الأداء القرآنيّ بإضطراب نموّ الذَّاكرة العاملة، وبما أنَّ العجز القرآنيَّ يُهدِّد المستقبل الدّراسيَّ لعدد كبير من الأطفال؛ فقد أصبح التَّشخيص المبكّر لصعوبات تعلُّم القراءة ضرورياً لوضع برامج تدخُّل فعّالة لتصحيح أو تعويض الإواليّات القرائيّة العاجزة.
ويتيح التَّدخُّل المبكِّر للقارئ المتعثّر تطوير مهارات قرائيَّة مناسبة؛ تسمح بالتَّعرُّف على الكلمات والفهم القرائيّ.
إجمالاً؛ يطمح هذا الكتاب إلى أن يوفّرَ معطيات نظريَّة وتجريبيَّة عن نموّ القدرات القرائيَّة لدى الطّفل، وارتباطها بسعة الذَّاكرة العاملة، وذلك بغرض توظيفها في فهم سيرورة القراءة في اللُّغة العربيَّة.
وتكمن بعض تطبيقات نتائج هذه الدِّراسة في أنَّ قياسات قدرة الذَّاكرة العاملة يمكن استعمالها في التَّنبُّؤ بالأداء القرائيّ، أو في كشف الأطفال المهدَّدين بالصُّعوبات والإضطرابات القرائيَّة قَبل الشُروع في التُّعلُّم النّظاميِّ للقراءة.
وبناءً على ذلك؛ يمكن وضع برامج تدخُل مناسبة لتحسين وتقوية الأداء القرائيّ، ويمكن أن يتحقّق ذلك على سبيل المثال من خلال تدريب الذَّاكرة العاملة، أو تعديل منهج تعليم القراءة.